الاخبار

الأخبار

البداية بعد الرحيل الأول








حملت شنطة متاعها عدا ذلك الصندوق الذى يحمل بداخله أشياء من الماضى لاشخاص كانت تظنهم ذات يوم حياة.. قررت الرحيل الى مكان اخر..عالم جديد خالى من الذكريات.. وطن غريب,, شوارع لم تخطوها قدميها ذات يوم. فجميع..شوارعها ممتزجة بذكريات مؤلمه لاناس اجبروها على الرحيل وترك كل شئ   لم تكن هذه هي المرة الاولى التى تقرر فيها الرحيل ... فقد رحلت منذ زمن عن بلدتها الصغيرة داخل محافظة من محافظات المحروسة رحلت الى العاصمة الى الحرية كما ظنت ... هربت من الذل والظلم والالم والقهر ...هربت من الخوف  من الذكريات المؤلمة,, وحيدة تائهة ..يمتلئ قلبها خوفا من المجهول الذى لم تعتاد على مواجهة يوم .. هى ليست بالنضج الكافى لتحمل هذا الاعصار ,,لكنها رحلت دون عودة ... هناك خيط  يربطها بهذه البلدة و الحياة التى تركتها غنوة  عنها ... الدليل على امتداد اوجاعها . تحمل بين ثنايات ضلوعها كم هائل من..  السذاجة جعلها تتخيل ان هذا الرحيل هو بداية السعادة... لا تعلم انه بداية الالم..  وان كل ما مضى ما هو سوى طفيلات مهمتها قيادتها الى هناك..


البداية بعد الرحيل الاول


أنها تذكر هذا اليوم جيدآ حين استقلت العربة المتجهة الى المحروسة  ولا تملك من النقود سوي ثمن المواصلات,, الليل قد بدا يسدل ستاره على الكون .. ركبت العربة والدموع تحجب عينيهاعن الروية,, تفكر فى ما تركته خلفها وماينتظرها فبهذا المكان الجديد . ظلت هكذا حتى ايقظها صوت السائق بأنهم قد وصلوا بالفعل بدأ قلبها يرتجف خوفا.كان هذا فى ديسمبر نعم انها تذكر هذا اليوم جيدآ.يوم لا يمكن ان يمحيه الزمن .. يوم ميلادها.. يأتى كل عام ليذكرها بما حدث فكيف للزمن ان يمحو هذه الذكرى الا اذا تغيراليوم وهذا لن يحدث.. تبقى لديها من النقود ما يوصلها الى مكان واحد فقط.لا تعرف شىء فى هذه البلدة الكبيرة.. سوى (الحسين)... ذهبت هناك وجلست على الارض بجانب المسجد الكبير...

شعرت أن هذا المكان بروحانياته قد يشفى قلبها ...البرد القارس كاد ان يقتلها ظلت تبكي من البرد والخوف ..جالسه بجانب اناس لا تعرفهم ..حتى اقتربت احداهن تطلب منها ان تأتى وتجلس بجانبهن ... فقد كان معهن غطاء يحتميان به من البرد اخبرتها احداهن الاخرى انهم جاءوا من بلدة صغيرة بحثآ عن اخوهم الذى ترك البيت منذ فترة . اخبرهم رجل من اهل بلدتهم انه راءه فى الحسين,, لكنه رفض العودة معه الى البلدة..فتاتين من بيئة بسيطة جاءتا وحيداتين يبحثان عن الاخ المريض..هنا توقفت عن البكاء وتذكرت بلدتها واهلها ... هى تعلم ان لا احد سوف يبحث   عنها..لا تعلم لماذا.. لكن هذا ما اعتادت عليه منهم من زمن بعيد..لم تشعر معهم يوم بالعطف او الحب .. بالدفئ الذى شعرت به بجانب هاتين الفتاتين الصغيرتين .اللاتين جاءتين من بلدتهن فى هذا البرد والليل والخوف بحثا عن اخوهن المريض...الذى يكبرهن سنآ ... ليتهنى  أهلها .. تمنت هذا حقآ 

وعادت مرة اخرى للبكاء.. فى هذه المرة لم تبكى من الخوف بل من انها لم يكن.. لديها اهل كهاتين الفتاتين...!!!!! لاتعلم اين ستذهب عندما يأتى النهار .. هل ستظل هنا ام ماذا ؟؟؟ فى هذه اللحظة تمنت أن لا يرحل الليل ..تمنت ان لا يأتى النهار.. فى هذه اللحظة اصبح طلوع الشمس بالنسبة لها شئ مرعب ..اتعرفون ما معنى ان يخاف الانسان  من الشمس,, من النور ... انه شعور مؤلم للغاية أن تخاف من شئ انت على علم بأنك ستواجهه كل يوم وليس امامك سوى المواجهة...تمنت ان لا تطلع الشمس.. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.. فقد بزغ النهارالاول والثانى والثالث  وهى لم تتحرك من المكان الذى جلست فيه منذ قدومها .. بداء الاعياء يسيطرعليها  والجوع والعفن ... ماذا ستفعل ؟؟؟؟؟؟ هل تستغيث بمن جعلوها هكذا ام تصمد وتفكر فى ما....هو قادم... 





تابع ما بعد الرحيل الأول

الجزء الثانى






وهنا توقفت عن البكاء مرة اخرى عندما جاء لها احد المارين يعطيها شئ لتاكله ويسألها عن سبب بكاءها وجلوسها هنا منذ ثلاث ايام ....توقفت عندما ادركت بأنها اصبحت كأولاد الشوارع يعرض عليها المارة  الاحسان... بعد برهة من التفكير نظرت داخل حقيبتها.. لأول مرة تنظر فيها منذا ان جاءت,,, لتخرج هاتفها المحمول لديها هاتف باهظ الثمن يمكن ان تستبدله بهاتف بسيط وتستغل المال فى ان تبحث عن مسكن وأن تأكل .... 

لكن قبل ان تستغنى عنه يجب ان تفعل شئ اولآ. امسكت بالهاتف وذهبت الى 
موقع البحث جوجل تبحث عن سكن للفتايات المغتربات. واخرجت عناوين وارقام دونتها على ورقة قد حصلت عليها من احد الطلاب الجالسين على مقهى بالحسين قامت ببيع هاتفها واستبدلته بهاتف صغير.. اخذت ما تبقى من المال وقامت بالاتصال بالارقام المدونة على الورقة حتى استقرت فى النهاية على سكن فى منطقة شعبية داخل حارة من حوارى المحروسة.

ذهبت الى صاحبة السكن.. وأستأجرت سريرا فى غرفه تحمل ثلاث أسره ... كل فتاة لديها سرير ودولاب حديدى.. سأتوقف هنا لحظه ... يجب ان نراى معآ معالم هذا السكن الجميل ....وكيف كان لهذا السرير بالاخص ذكري ممتعة...هيا بنا  شقة بالدور الرابع مكونة من اربع غرف .. غرفتان بهم سريران وغرفتان بهم ثلاث اسره. صالة تحتوى على صالون من الطراز القديم لا يصلح  للجلوس عليه بضع ثوانى.. بها تلفاز صندوق قديم لا يعمل تقريبآ.حمام به غسالة من الطراز القديم ..

ملحوظة ( الغساله لا تعمل )... هناك سخان غاز ( لكنه لا يعمل ايضا). مطبخ به بوتجاز بأربع شعلات ( اثنان فقط يعملان ) .. عدد اتنين ثلاجه ( احداهم فقط تعمل) *اتذكرون السرير ؟؟؟ قلت لكم انه يحمل ذكري,,, اعلم انكم تننظرون
معرفتها.....هيا بنا هذا السرير اذا تحركت وهى نائمة سيعلم اهل الحى جميعآ انها الان تتقلب على السرير يمينآ ويسارآ ... لذلك كان على الجميع أن يأخذن وضعآ واحدا اثناء النوم واذا تحركن يكونان بحذر حتى لا يوقظهن احد من الكائنين بالغرفة 

ذلك السرير الحديدى الذى لا مسامير تمسكة عدا مرتبة من الاسفنج تشعر وانت نائم
عليها انك على سوست السرير نفسه .. فى الحقيقة ليس لها اى منفع ولكن لاكتمال... الشكل العام فقط ...فلكم ان تتخيلوا معى حجم المأساة يا سادة * اعلم ان جميعكم يتسأل .لماذا لم اذكر شئ عن سكان هذا المكان؟؟؟ لم تلتقى بهم حتى الان .. جميعهن فى اجازة صغيرة ذهبوا لزيارة الاهل...لذلك جلست ثلاث ايام وحدها.

فى اليوم الرابع قد بدأن فى القدوم  واحدة تلو الاخرى ..
امتلاءة الشقة المهجورة منذ اربع ايام بفتايات من اماكن مختلفة ومهن مختلفة واشكال وشخصيات مختلفة ايضآ... 
وبدأ التعارف بينهم يتبادل على الساكنة الجديدة الصامتة طوال الوقت هكذا اسموها.. 
ثمانى فتايات بسكن واحد ... فهناك غرفة فارغة لم يقطنها احد .. كان حلم الفتاة الصامتة ان تحصل على عمل كى تحظى بهذه الغرفة وحدها  دون ان يشاركها احداهن بها ..

لكن الظروف الان لا تسمح بذلك ....الفتاتتين اللاتين تسكنان معها فى غرفتها لطيفتين للغاية احداهن تعمل صحفيه بأحدى الصحف اليومية وكانت مجتهدة لكنها لم يحالفها الحظ حتى الان ..والاخرى تعمل فى صناعة الملابس الجاهزة. ايضا فتاة مكافحة ..
فقد تعلمت منهن الكثير .. كانتين يذهبان اذا طلع النهار الى عملهن ويتركوها وحدها ثم يعودان ليرونها جالسة كما تركها...فهى لا تعرف حتى الان ماذا ستفعل..بعد..

ومرت ايام وايام حتى قررت ان تخرج من هذة الغرفة بحثا عن عمل ... فقد 
اصبح لديها حلم وهو ان تحصل على هذه الغرفة الفارغة قبل ان يسكنها احد كان هذا هو اول احلامها وذهبت كي تحققه..

 

نرشح لك قسم  أدباء وشعراء





شيماء فريد .. 

اكتب تعليق

مرحب بكم فى عالم الماسة المتألقة

أحدث أقدم